إيزابيل الليندي: روائية تشيلية وُلدت في 2 أغسطس 1942، وحاصلة على
العديد من الجوائز الأدبية المهمة، و من الأسماء المرشحة دائماً للحصول على جائزة
نوبل. تُصنف كتاباتها في إطار الواقعية السحرية، وتنشط في مجال حقوق المرأة
والتحرر العالمي. من أهم رواياتها: بيت الأرواح، وإيفالونا.
بوابة
الكاتب إلى الحرية
إيزايبيل
الليندي
ترجمة: ياسر شعبان
أتسلم
يومياً عدداً كبيراً من الخطابات، من طلاب وأساتذة وصحفيين يطرحون فيها أسئلة حول
أعمالي لكن من الصعب أن أجيب على كل هذه الأسئلة، ولهذا اخترت أن أجيب على بعضها،
وأنشر ذلك على موقعي بالإنترنت، وآمل أن يجد القراء ما يفيدهم في هذه الإجابات.
ــ هل هناك أنواع
أدبية أخرى تسعين إلى ارتيادها، أم تنوين الاستمرار في مجال الكتابة القصصية؟
في فترة شبابي كتبت
بعض المسرحيات، ولقد أحببت هذه المسرحيات كثيراً لأنني أحب العمل الجماعي كذلك
حاولت كتابة قصص للأطفال عندما كان أطفالي صغاراً، فحينها اعتدت أن أحكي لهم
الحكايات كل ليلة، وكان ذلك بمثابة تدريب مدهش حاولت الحفاظ عليه قدر استطاعتي.
وفي عام 2001 كتبت
رواية للأطفال والصبية بعنوان "مدينة الحيوانات" وستتولى نشرها أسبانيا
دار "بلايا وجانيز".وكذلك سبق لي أن كتبت الكوميديا لسنوات، وأظن أنها
أصعب أنواع الكتابة.
أما النوع الأدبي
الوحيد الذي لم أكتبه وأظن أنني لن اكتبه، فهو "الشعر".
ـــ هل تكتبين
بالأسبانية فقط؟
فقط القصة والرواية
اكتبهما بالإسبانية، لأن الكتابة الإبداعية مثل عملية حيوية لا أستطيع إنجازها إلا
بلغتي الأصلية، ولحسن حظي تولى مترجمون متميزون ترجمة أعمالي في شتى أنحاء العالم.
ـــ هل تتابعين عمل
المترجمين الذي يترجمون أعمالك، وهل تميلين إلى مترجمين دون غيرهم؟ فلقد لاحظت أن
"مارجريت سايرز بيدن" ترجمت العديد من كتبك إلى الإنجليزية".
أنا و
"مارجريت" على اتصال دائم، وأعتقد أن ثمة ارتباطاً نفسياً بيننا، وهي
تقوم بعمل رائع ولا أظن أنني قد أحلم بمراجعة ما تنجزه من ترجمات أما بالنسبة
لبقية المترجمين، فليس لي صلة بهم وأترك مهمة المتابعة لناشري كتبي.
ــ هل تلقين لنا بعض
ا لضوء على فكرتك عن الكتابة القصصية وقول الحقائق والأكاذيب وتعرية جزء من الواقع،
وكيف لهذه العناصر أن تعمل بشكل تناغم أحياناً ,تعارض في أحيان أخرى.؟
أولى أكاذيب الكتابة
القصصية هي محاولة المؤلف أن يضفي بعض النظام على فوضى الحياة، نظام كرونولوجي
"متسلسل" أو أي نظام أخر يختاره الكاتب فالكاتب يختار جزءاً من الكل،
ويثرثر أن هذه الأشياء مهمة، وما دونها ليس كذلك وبعد ذلك يكتب عن الأشياء التي
اختارها حسب رؤيته الخاصة والحياة ليست على هذا الحال فالأشياء تتداعى بطريقة
فوضوية، ولا يستطيع أحد أن يختار فأنت لست الرئيس، الحياة هي الرئيس وهكذا فعندما
تتقبل ككاتب فكرة أن القص يقوم على الكذب، عندئذ تصبح حراً، وتستطيع أن تفعل أي شئ
وبعدها تبدأ الدوران داخل دوائر، وكلما اتسعت هذه الدوائر، زاد قدر الصدق الذي
تستطيع الحصول عليه وكلما اتسع الأفق، تجولت أكثر، وزاد تأملك لتصبح لديك فرصة
أفضل للعثور على جزئيات الصدق.
ــ ما مصادر إلهامك؟
أتمتع بصفتين: الإنصات
الجيد، والقدرة على اقتناص القصص. ولدي قناعة بأن كل إنسان لديه قصة، وكل القصص
جذابة طالما قصت بشكل صحيح.
وربما يكون خبر في
صحيفة مصدر إلهام لي لأكتب رواية بأكملها.
ــ كيف يعمل
الإلهام؟
أمكث بين عشر واثنتي
عشرة ساعة في حجرتي لا أقوم بأي شئ سوى الكتاب. لا أتحدث إلى أحد، ولا أراد على
التليفون واعتبر نفسي مجرد وسيط أو آلة لتجسيد شئ ما يحدث ويتجاوز وجودي، وكأن
هناك أصوات تتحدث من خلالي. وهكذا أشعر أنني أخلق عالماً ليس سوى قصة، ولكنه لا
ينتمي إلى فأنا لست الرب، أنا مجرد آلة. وبمرور الوقت، ومع التدريب اليومي على
الكتابة، اكتشفت الكثير عن نفسي و الحياة، وأستطيع أن أقول أنني تعلمت.
دائماً لا أكون واعية
بما أكتب، فالكتابة عملية غريبة، كما لو أنه عن طريق الكذب في الكتابة يستطيع
الكاتب اكتشاف أشياء صغيرة حقيقية وصادقة عن ذاته وعن الحياة والناس وعن الكيفية
التي تتابع بها الأحداث في الحياة.
ــ نتمنى لو
تحدثينا عن شخصيات أعمالك؟
عندما أبتكر شخصية ما، أبحث عادة عن شخص يصلح أن يكون
نموذجاً، وإذا تواجد هذا الشخص في عقلي، يصبح من السهل أن أخلق شخصيات مقنعة.
وكما يتسم البشر
بشخصياتهم المركبة والمعقدة، ونادراً ما يكشفون عن كل أبعاد شخصياتهم، فعلى نفس
المنوال يجب أن تكون الشخصيات القصصية ولهذا أسمح للشخصيات أن تحيا بحرية حياتها
الخاصة على صفحات الكتاب، ودائماً ما يتملكني شعور بأنني لا أسيطر عليها فالقصة
تسير في اتجاهات غير متوقعة، وليس علي سوى أن أدونها دون أن أسعى إلى إخضاعها
لأفكاري السابقة.
ــ هل تكتبين على
الكمبيوتر مباشرة؟
دائماً أسجل ملاحظات
وتعليقات وأحمل مفكرة في حقيبتي لهذا الغرض، وعندما أسمع أو أرى شيئاً شائقاً،
أقوم بتدوينه مباشرة كذلك أجمع القصاصات من الصحف، وأدون بعض الأخبار من
التليفزيون، وأبدأ الكتابة مباشرة على الكمبيوتر دون أي تصور مسبق، ولا أتبع سوى
غريزتي وعندما تكتمل القصة على الشاشة أقوم بطبعها لأقرأها لأول مرة، وعندئذ أعرف
ما يدور عنه الكتاب. وفي البروفة التالية ينصب اهتمامي على اللغة والسياق
والإيقاع.
ــ كيف تتكون نهاية
جيدة لقصة تكتبينها؟
لا علم لدى، فالقصة
القصيرة تختلف عن الرواية لأن القصة تأتي مكتملة، ولهذا لا توجد سوى نهاية واحدة
مناسبة لها، وما سواها من نهايات غير مناسبة والكاتب يعرف ذلك ويشعر به وإذا لم
تستطع الوصول إلى هذه النهاية فمن العبث أن تعمل في هذه القصة أكثر من ذلك وأرى
القصة مثل سهم ينطلق من البداية بشكل صحيح ويتحدد بدقة الهدف الذي يوجه إليه. أما مع
الرواية فمن الصعب تحديد أي شيء فقط الصبر والعمل اليومي، مثل مزج مجموعة من
الألوان. تبدأ ببطء وفي رأسك مخطط ما، لكن فجأة يتبدل كل شيء وتكتشف وجود شيء أخر
إنها تجربة غاية في السحر والفتنة، لأن لها حياتها الخاصة.
ورغم أنه في القصة
القصيرة تكون للكاتب سيطرة أكبر، فإن عدد القصص الجيدة قليل بينما توجد روايات
خالدة كثيرة. في القصة القصيرة الأولوية لكيفية القص وليس لمضمونه، فالشكل أكثر
أهمية أما في الرواية فمن الممكن أن ترتكب بعض الأخطاء ولن يلاحظ ذلك سوى عدد
محدود من الأشخاص.
وبالنسبة للنهايات،
فلا تعجبني النهايات السعيدة، وأفضل عليها النهايات المفتوحة لأنني أثق بخيال
قارئي.
ــ من الكتاب الذين
أثروا في وعيك وذائقتك؟
تأثرت بالكتاب العظماء
الذين شكلوا ما يعرف بــ "البوم Boom – الانفجار الكبير" في أدب أمريكا
اللاتينية. وتأثرت بالروائيين الروس والإنجليز كذلك تأثرت بكتب الأطفال والناشئة
التي قرأتها في طفولتي، فلقد اكتشفت داخلها الحبكة وكيفية خلق الشخصيات القوية.و
اكتشفت الخيال والإيروتيكا في "ألف ليلة وليلة" وتأثرت فترة سبعينيات
القرن العشرين بما قرأته من أعمال الكتاب الذين أرسوا دعائم "النسوية"
وكثيراً ما أتأثر بما أشاهده من أفلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق