التباين فى المجتمع المسلم
ترجمة: ياسر شعبان
أرغب أثناء مناقشتنا لموضوع الثقافة والتغيير
أن أزيح الانطباع العام بأن المجتمع الإسلامى دائماً في حالة توحد وتناغم.
وفيما يخص (مسلمو جنوب آسيا ولغتهم "الأوردية
ـ URDU"؛
لغتهم الرئيسة) فإن كلاهما يكشف عن عملية التخليق والانتقاء.
وكثيرة هى الكتب الممتازة التى تتناول هذا الموضوع
، لكنني سأشير هنا ـ فقط ـ إلى كتاب يتميز بأنه الأحدث (الأوردية ومسلمو جنوب آسيا
: دراسات عن "رالف روسيل" حرره "كريستوفر شاكل" ـ 1989)
ويتسم جنوب آسيا بثراء وتعدد ألوان نسيجه ، وبتنوع
في أساليب الحياة يناسب في مداه التنوع في الأفكار الفلسفية . وهنا يظهر الملوك المسلمون
كما لو كانوا أبطالا هندوسين.
ويذيع صيت البتهانيين (البتهاني هو الأفغاني الذي
يعيش في الهند) كمجاهدين إسلاميين، وُتكتب القصائد فى تمجيد الآلهة الهندية (وكان هذا
هو الحال فى القرن السادس عشر حين عرف الشاعر الهندي "راسخان RASKHAN" وفقا للتقليد البتهاني باسم "سيد إبراهيم"
واشتهر بمقطوعاته الشعرية المشبوبة والرائعة في تمجيد "كريشنا KRISHNA").
ونواجه هنا بأساطير صوفية لها أصول يهودية مثل
:
"سارماد ـ SARMAD" الذي تورط في صراع إمبراطوري على توارث الخلافة،
والإعلاء من شأن المثلية الجنسية ، فيحب (راسخان) غلامًا من دلهي و(سارماد) حبيبًا
هندوسيًا.
وبهذا تتحول الرومانسيات الأجنبية إلى هندية
(مثل الرومانسيات الفارسية لـ"أمير حمزة")، وكذلك هناك القصص التي تبدو كما
لو كانت بلا نهاية مثل الأجزاء الستة والأربعين من (داستان والأميرة حمزة) بقصصها المشبعة
بما تدعوه ما بعد الحداثة بـ"الواقعية السحرية".
وبالإضافة إلى ذلك ، يأتي اكتشاف الألوان والخيال
الصناعي ليؤثر على مختلف الثقافات ، وليس على جنوب آسيا وحده.
ويعتبر مقال "فيكتور كيرنان" الرائد،
والذي يلفت انتباهنا لهذا، خير ختام:
بمزيد من الرحابة نجد أن
التناقضات والأزمات التي تكتنف الطبقة الغالبة في وسط وغرب آسيا ، طوال تاريخها
وتشكل مثالا على الوضع الإنساني ومثالا لشعب سائح بلا مأوى.
ودليل ذلك هو اكتشاف أن أجمل ما جاء في شعر هذه
الطبقة هو المكتوب عن حالة فقدان الهوية التي نتجت عن التغيير المفاجئ والمربك عندما
عرف أن: (فامبري VAMBERY) اكتشف
حالة الوجد والانجذاب الصوفي في أحد أركان المجر، و(جوته GOETH) كان يقلد "حافظ" في (فيمار WEIMAR)، و(فيتز جيرالد FITZGERALD) ترجم (عمر الخيام) في قرية (سفولك SUFFOLK).
وتقدم (رجيولا قرشي) في بحثها ، تعريفا للـ(قوالي
QAWALI) بوصفها
إشارة تجمع صوفية لبلوغ خبرة باطنية. لكن الـ"قوالي" الآن أصبحت نمطاً ثقافياً
واسع الانتشار.
وثمة مثال يمدنا به ما حدث يوم الاحتفال بـ"إقبال"
في كمبريدج ، شهر نوفمبر 1989، وقد ساهمت، بوصفي زميلا لجامعة إقبال، في التنظيم.
وفي هذا الحفل قدم صديقي الحاج "صبري قوال"،
مع فرقته المعروفة بـ"الأخوة صبري"، عرضًا في قاعة بيتر للاستماع.
وكانت هذه هي أول مرة لهم في كمبريدج، وكان من
حسن حظنا أن نسمعهم يغنون أكثر قصائد "إقبال" شعبية ومن بينها قصيدة
"شكوى وجواب الشكوى".
الـ"قوالي" في كمبريدج لجمهور مختلط
ومتحمس، بينهم المفوض الباكستاني الأعلى ونجوم المجتمع مثل "إرنست جيلنر"
و"سير/ أندرو هكسلي"، تعاضد "فرضية كيرنان ـ KIERNAN THESIS" .
فماذا كان موقف السادة والأساتذة في "قاعة
بيتر ـ PETER HOUSE"
، المشهورة بأنها أقدم كلية في كمبريدج ، تجاه عدم تسجيل عرض "الأخوة صبري
"؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق