الأحد، 29 ديسمبر 2013

إسماعيل كداريه شاعرًا، مقدمة وقصائد







                                     إسماعيل كداريه شاعرًا
                                                                             ت: ياسر شعبان



 حاز إسماعيل كاداريه
، مواليد تيرانا عام 1936، جائزة بوكر الدولية في عام 2005، ويعيش اليوم متنقلاً بين مدينتي تيرانا وباريس. وكانت شهرته كروائي قد ذاعت عالميًا منذ عام 1963 من خلال روايته التاريخية "جنرال الجيش الميت". ومنذ ذلك الحين لم ينقطع الحديث عن ترشيح الكاتب الألباني لجائزة نوبل للآداب. لكن " إسماعيل كاداريه" ليس روائيا فقط بل كتب الشعر كذلك قبل أن يتحول إلى الكتابة الروائية، وصدرت مجموعته الشعرية (خطواتي على الرصيف   My steps on the pavement) عام 1961. ولا تخلو أنطولوجيا عن الشعر الألباني من اسمه.
وهنا نترجم عن الإنجليزية خمس قصائد له، وقام بالترجمة من الألبانية إلى الإنجليزية  "د. ألبرت إيلزي".




الشعر
كيف وجدت طريقك إليَ ؟
والدتي لا تجيد الألبانية
تكتب الخطابات،مثل أراجون، دون فواصل أو نقاط،
ووالدي جاب البحار في شبابه،
لكنك جئت،
عبر رصيف مدينتي الهادئة الحجرية،
وطرقت برفق باب بيتي المكون من ثلاثة طوابق،
رقم 16.
في الحياة
هناك أشياء عديدة
لكن على أية حال .....
مثل شاب يعود للبيت في ساعة متأخرة مِن الليل،
منهكًا ومهزومًا بعد جولاته الليلية،
ها أنا أيضًا، عائد إليك،
مرهقًا بعد رحلة هروب أخرى.
وأنتَ، لا تؤاخذني على خيانتي
تُمسد شعري برفق
محطتي الأخيرة، الشعر.


الطفولة

أصابع الطفولة الملطخة بالحبر،                                
أجراس الصباح،
المؤذن في الغسق،
مجموعة من صناديق السيجار والطوابع القديمة،
مقايضة سيجارة سيلون  
باثنتين لوكسمبورج.
هكذا مضت،
أيام الطفولة،
تعقب كرة من الخِرَق،  إثارة الغبار و الصرخات،
كرة من الخِرَق،
مصنوعة من خِرَق ألبانية رمادية.


الحنين إلى ألبانيا

ملأني الحنين إلى ألبانيا
الليلة وأنا عائد إلى المنزل في الحافلة،
دخان السيجارة البارتيزاني في يد راكب روسي
أزرق متموج، يتصاعد إلى أعلى،
وكأنه يهمس لي، مواطن من نفس بلده،
باللغة الألبانية.

اشتقت إلى التجول في شوارع تيرانا مساءً
حيث اعتدت أن أتعرض للأذى،
وفي الشوارع التي لم أتعرض فيها للأذى
تعرفني هذه المداخل الخشبية القديمة،
لا تزال تحمل لي ضغينة،
وسوف تزجرني،
لكنني لا أعبأ بذلك
لأن الحنين يملأني.
أتوق للتجول عبر الممرات
الممتلئة بالورق الجاف،
أوراق جافة، أوراق الخريف،
التي من السهل العثور
 على أوجه شبه بينها.
ملأني الحنين لألبانيا،
للسماء الهائلة، الواسعة والعميقة،
للمسار الأزوري لأمواج الأدرياتيك
للسحب التي تبدو مثل قلاع متوهجة
عند غروب الشمس
أتوق لجبال الألب الألبانية
بشعرها الأبيض ولحيتها الرمادية
لليالي الناعمة التي تهتز في النسيم،
للغيوم ، مثل الهنود الحمر، في جولاتها بالزاغ الزراعى
للقاطرات والجياد.
التي تنفث وتلهث وتقطر عرقاً،
لشجر السرو، للقطعان والقبور
ملأني الحنين. ملأني الحنين
للألبان.

ملأني الحنين للقيام برحلة سريعة هناك
أحلق فوق الغيوم وكأنني أحلق فوق الرغبات
كم بعيدة وعزيزة أنت، يا بلادي.
سوف يهتز المطار من أزيز الطائرات،
سوف يتدلى الضباب الرقيق في إثارة فوق الشقوق
دون شك، هؤلاء الذين اخترعوا المحرك النفاث
لابد وأنهم كانوا بعيدين عن بلادهم.


وعندما ذاكرتي
وعندما تتوقف ذاكرتي الواهنة،
مثل ترام ما بعد منتصف الليل،
عند المحطات الرئيسة
لن أنساك.

سوف أذكر
ذلك المساء الهادئ، الذي لا نهاية له في عينيك،
النشيج المخنوق على كتفي،
مثل الثلج الذي لا يمكن إزاحته.

حان وقت الانفصال
ورحلت بعيداً عنك،
لا شيء غير عادي،
لكن في ليلة ما
سوف تجد أنامل شخص ما طريقها في شعرك
أناملى البعيدة التي تمتد عبر الأميال.


الشلالات
تسقط الشلالات إلى أسفل
مثل جياد بيضاء مفعمة بالحيوية،
وأعرافها مغطاة بالزبد وقوس قزح،

لكن فجأة، على حافة الممر
تسقط على أرجلها الأمامية،
تنكسر أرجلها البيضاء،
وتموت عند سفح الصخور.
والآن في عينيها الميتتين
تنعكس السماء المتجمدة.





                                     إسماعيل كداريه شاعرًا
                                                                             ت: ياسر شعبان




 حاز إسماعيل كاداريه
، مواليد تيرانا عام 1936، جائزة بوكر الدولية في عام 2005، ويعيش اليوم متنقلاً بين مدينتي تيرانا وباريس. وكانت شهرته كروائي قد ذاعت عالميًا منذ عام 1963 من خلال روايته التاريخية "جنرال الجيش الميت". ومنذ ذلك الحين لم ينقطع الحديث عن ترشيح الكاتب الألباني لجائزة نوبل للآداب. لكن " إسماعيل كاداريه" ليس روائيا فقط بل كتب الشعر كذلك قبل أن يتحول إلى الكتابة الروائية، وصدرت مجموعته الشعرية (خطواتي على الرصيف   My steps on the pavement) عام 1961. ولا تخلو أنطولوجيا عن الشعر الألباني من اسمه.
وهنا نترجم عن الإنجليزية خمس قصائد له، وقام بالترجمة من الألبانية إلى الإنجليزية  "د. ألبرت إيلزي".




الشعر
كيف وجدت طريقك إليَ ؟
والدتي لا تجيد الألبانية
تكتب الخطابات،مثل أراجون، دون فواصل أو نقاط،
ووالدي جاب البحار في شبابه،
لكنك جئت،
عبر رصيف مدينتي الهادئة الحجرية،
وطرقت برفق باب بيتي المكون من ثلاثة طوابق،
رقم 16.
في الحياة
هناك أشياء عديدة
لكن على أية حال .....
مثل شاب يعود للبيت في ساعة متأخرة مِن الليل،
منهكًا ومهزومًا بعد جولاته الليلية،
ها أنا أيضًا، عائد إليك،
مرهقًا بعد رحلة هروب أخرى.
وأنتَ، لا تؤاخذني على خيانتي
تُمسد شعري برفق
محطتي الأخيرة، الشعر.


الطفولة

أصابع الطفولة الملطخة بالحبر،                                
أجراس الصباح،
المؤذن في الغسق،
مجموعة من صناديق السيجار والطوابع القديمة،
مقايضة سيجارة سيلون  
باثنتين لوكسمبورج.
هكذا مضت،
أيام الطفولة،
تعقب كرة من الخِرَق،  إثارة الغبار و الصرخات،
كرة من الخِرَق،
مصنوعة من خِرَق ألبانية رمادية.


الحنين إلى ألبانيا

ملأني الحنين إلى ألبانيا
الليلة وأنا عائد إلى المنزل في الحافلة،
دخان السيجارة البارتيزاني في يد راكب روسي
أزرق متموج، يتصاعد إلى أعلى،
وكأنه يهمس لي، مواطن من نفس بلده،
باللغة الألبانية.

اشتقت إلى التجول في شوارع تيرانا مساءً
حيث اعتدت أن أتعرض للأذى،
وفي الشوارع التي لم أتعرض فيها للأذى
تعرفني هذه المداخل الخشبية القديمة،
لا تزال تحمل لي ضغينة،
وسوف تزجرني،
لكنني لا أعبأ بذلك
لأن الحنين يملأني.
أتوق للتجول عبر الممرات
الممتلئة بالورق الجاف،
أوراق جافة، أوراق الخريف،
التي من السهل العثور
 على أوجه شبه بينها.
ملأني الحنين لألبانيا،
للسماء الهائلة، الواسعة والعميقة،
للمسار الأزوري لأمواج الأدرياتيك
للسحب التي تبدو مثل قلاع متوهجة
عند غروب الشمس
أتوق لجبال الألب الألبانية
بشعرها الأبيض ولحيتها الرمادية
لليالي الناعمة التي تهتز في النسيم،
للغيوم ، مثل الهنود الحمر، في جولاتها بالزاغ الزراعى
للقاطرات والجياد.
التي تنفث وتلهث وتقطر عرقاً،
لشجر السرو، للقطعان والقبور
ملأني الحنين. ملأني الحنين
للألبان.

ملأني الحنين للقيام برحلة سريعة هناك
أحلق فوق الغيوم وكأنني أحلق فوق الرغبات
كم بعيدة وعزيزة أنت، يا بلادي.
سوف يهتز المطار من أزيز الطائرات،
سوف يتدلى الضباب الرقيق في إثارة فوق الشقوق
دون شك، هؤلاء الذين اخترعوا المحرك النفاث
لابد وأنهم كانوا بعيدين عن بلادهم.


وعندما ذاكرتي
وعندما تتوقف ذاكرتي الواهنة،
مثل ترام ما بعد منتصف الليل،
عند المحطات الرئيسة
لن أنساك.

سوف أذكر
ذلك المساء الهادئ، الذي لا نهاية له في عينيك،
النشيج المخنوق على كتفي،
مثل الثلج الذي لا يمكن إزاحته.

حان وقت الانفصال
ورحلت بعيداً عنك،
لا شيء غير عادي،
لكن في ليلة ما
سوف تجد أنامل شخص ما طريقها في شعرك
أناملى البعيدة التي تمتد عبر الأميال.


الشلالات
تسقط الشلالات إلى أسفل
مثل جياد بيضاء مفعمة بالحيوية،
وأعرافها مغطاة بالزبد وقوس قزح،

لكن فجأة، على حافة الممر
تسقط على أرجلها الأمامية،
تنكسر أرجلها البيضاء،
وتموت عند سفح الصخور.
والآن في عينيها الميتتين
تنعكس السماء المتجمدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق