يدهشني وصف الإرهاب بــ " القتل غير المشروع"
وقيادة السفاح شارون لدولة "ديمقراطية"
راسل
بانكس
ترجمة: ياسر شعبان
في هذا الحوار تطرح "أنطوانيت ديلافين" مجموعة من الأسئلة
المهمة على "راسل بانكس" رئيس البرلمان الدولي للكتاب، حول الأسباب التي
دفعته إلي المشاركة في هذه الرحلة ورؤيته لطبيعة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني،
وللإرهاب وأسبابه، وما هو الدور الذي يستطيع أن يقوم به الكتاب، وما هي الشروط
اللازمة لتحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط ومثل هذه الأسئلة تم توجيهها إلي
بقية الأعضاء المشاركين في الوفد المسافر إلي فلسطين وإسرائيل.
- ما الذي جعلك توافق على
المشاركة في هذه الرحلة إلي فلسطين؟ وما
التأثير الذي تتوقعه نتيجة لهذه
المبادرة من البرلمان الدولي للكتاب، وما الدور الذي يستطيع الكتاب القيام به
للمساهمة في إنهاء الصراعات؟
لقد وافقت على مرافقة زملائي
الكتاب في هذه الرحلة إلي فلسطين لأنني أعتقد أن كتاب العالم: شعراء، قصاصين، كتاب
مسرح.. يستطيعون المساعدة في إيقاف القتل. فنحن لسنا متابعين سلبيين للشأن
الإنساني، نكتفي بالوقوف على الخطوط الجانبية، رغم أن البعض يرغب أن نكون كذلك.
لا-نحن أعضاء في المجتمع الإنساني، القبيلة الحقيقية، ولهذا لا نتحدث نيابة عن
أمة، عقيدة أو مؤسسة سياسية أو اجتماعية، بل نتحدث نيابة عن الإنسانية ذاتها. وإذا
لم ننهض بمثل هذا الدور وندعو إليه، ستتدهور الأمور إلي درجة مرعبة كما هو حادث في
العالم اليوم، وتصبح الهيمنة للقوميين، الكهنة والملالي وللسياسيين الذين يتحدثون
نيابة عن الشعوب، ولقد شهدنا ما ترتب على ذلك من آثأر. وفي هذه اللحظة من التاريخ،
في إسرائيل وفلسطين، فقط لهؤلاء القوميين والكهنة والملالي والسياسيين ينصت
الجميع، وبتحريض منهم يقتل الناس بعضهم، بل ويقتلون أنفسهم. وهكذا قررت أن هذه هي اللحظة
المناسبة، لكي يقوم الكتاب بدور، ويعبرون عن آرائهم ومواقفهم،ن لا كتكتلات تشجب أو
تدافع عن هذا الرأي أو ذاك، لكن ببساطة كرجال ونساء يؤمنون أن المجتمع الوحيد الذي
يحقق الحماية هو المجتمع الإنساني، ولهذا يجب أن نوقف قتلنا لبعضنا البعض: يجب أن
نضع نهاية لهوسنا بالاختلاف ونحتضن ثروتنا العظيمة التي تتجلى في قدرتنا على أن
نحيا معاً طوال وجودنا المؤقت على هذا الكواكب الأزرق والأخضر، والتي يجب أن
ترشدنا لنساعد بعضنا كي يمتد هذا الوجود المؤقت لأطول فترة ممكنة، وهذا هو الهدف
ولا أكثر.
-
هل تسهم كتابات مثل" جان جينيه، وساعاته الأربع في شاتيلا. في
رؤيتك وتقييمك للصراع؟
لم يكن لكتابات بعينها تأثير خاص في اتخاذ مثل هذا الموقف، لكن شاركت
كتابات جميع الشعراء والقصاصين العظماء في رؤيتي وتقييمي للصراع الدائر الآن،
بالإضافة إلي معرفتي خاصة، التي يواجهها الناس على الأرض، يواجهها المدنيون في
فلسطين وإسرائيل. ومثل هذه الكتابات لا تنقل ما يضاهي مشاعر المعاناة والألم
والفقد التي يشعر بها هؤلاء الناس يومياً. وهذا هو الحال دائماً. لكنني سبق وعشت
بين ناس نقلت وسائل الأعلام قصصاً عنهم، خاصة وسائل الأعلام الأمريكية، ولقد رأيت
التفاوت بين هذه القصص وبين الواقع، وهذا ما يقودني إلي السبب الثاني وراء مشاركتي
في هذه المهمة،احتاج أن أري بعيني رأسي وأسمع بأذني ما يدور واقعياً في فلسطين
وإسرائيل، ما يحدث للرجال والنساء والأطفال، بعيداً عن السياسيين، ما يحدث للناس
أنفسهم الذين يحاولون أن يحيوا حياة كريمة ورخية، والذين لا يرغبون سوى في تكوين
عائلات وتشييد منازل حيث الجيرة الآمنة التي تسمح بأن يحب أحدهم الآخر ويقوموا
بأعمالهم اليومية.
- هل تنتهج إسرائيل سياسة مشابهة لسياسة الفصل العنصري التي كانت
موجودة في جنوب إفريقيا قبل مجيء "نيلسون مانديلا" وذلك حسب ما أعلنه
البعض في مؤتمر "دربان" الذي عقد قبل ثلاثة شهور من أحداث الحادي عشر من
سبتمبر، والهجمات الإرهابية؟ كيف تقيم سياسة هذا البلد؟
الآن لست مؤهلًا لتقييم السياسية الإسرائيلية، هكذا ببساطة، بوصفها
فصلاً عنصرياً أو استعماراً، فمثل هذه الآراء تبدو لي نوعاً من القياس المغلوط
والمضلل. فعلي سبيل المثال، كأمريكي أستطيع آن أقارن بين السياسة الإسرائيلية تجاه
الفلسطينيين وبين السياسة التي تبعها الوافدون الأوروبيون تجاه السكان الأصليين
طوال الثلاثمائة عام الأخيرة، من طرد باستخدام القوة العسكرية وما تلا ذلك من
إحلال وإنشاء للمستوطنات. لكن مثل هذه المقارنة بعد التأمل السليم ستكشف إن هذه
المقارنة ليست نفس الشيء، نحتاج أن ندرك خصوصيات هذا الموقف في الشرق الوسط، نحتاج
أن نفهم هذه الخصوصيات ونضعها في سياق معين، وذلك دون أن نؤسطرها.
- هل تميز بين الإرهاب الذي تدعمه دولة ما" إرهاب الذي تدعمه
دولة ما "إرهاب الدولة" وبين الإرهاب غير المنظم؟ هل أي شئ يكون عادلاً
تحت زعم أمن الدولة؟ هل تطلع شعب ما إلي الاستقلال يجعل الممارسات الإرهابية
عادلة؟ وإلي أي مدى يستطيع المرء أن يعمل باسم الدولة ولأجلها؟
ظهور الإرهاب في أي زمان
ومكان، ومهما كانت دوافعه، وهل إرهاب دولة أو فرد، ليس سوي سلوك عصابي. وفي أية
أسرة، عندما يتصرف أحد أفرادها بشكل عصابي، عندما يتصرف أحدنا بجنون، يجب أن نسأل أنفسنا عن السبب. إنه تعبير عن الإحباط
يقوم به شخص ما، أو شعب ما لم يعد يؤمن بالمستقبل. كان ذلك في بلفاست أو في أوكلاهوما، حيث أعلن رجل يدعي "جون
براون" أنه بدون الإرهاب سنخسر المعركة ضد العبودية في أمريكا. دائما يقوم
بالإعمال الإرهابية شخص ما أو جماعة تعتقد أن الموت أثمن من الحياة. ومن الخطأ
اعتبار أنهم مقاتلون من أجل الحرية. الإرهاب عرض، استجابة لحالة سياسية واجتماعية
يتم فرضها دائماً بواسطة القوة وتنجح في طرد صورة الحياة الحلوة التي تستحق أن
تعاش من مخيلة الفرد أو الشعب، إنه المرحلة النهائية من الغضب المتافيزيقي
والسياسي، الفعل الأخير الذي يقوم به فرد أو شعب ما وهو ينهار. ودائماً ما نتعامل
مع الإرهاب بواصفة إستراتيجية عسكرية أو وسيلة قتل غير عادلة أو شرعية، كما لو
كانت هناك وسائل عادلة ومشروعة للقيام بذلك.
- لماذا تفشل كل المحاولات الساعية إلي تحقيق السلام بين الإسرائيليين
والفلسطينيين، وما رأيك بشأن الاتهامات الموجهة إلي أيريل شارون – في بروكسل لمشاركته
في مذابح صابرا وشاتيلا؟ وهل تعتقد أن ياسر عرفات مسئول –جزئيا- عن الهجمات
الانتحارية؟
سبق وذكرت في إجابتي علي سؤالك الأول إنني أشعر أن سبب فشل المحاولات
الساعية إلي إحلال السلام بين إسرائيل وفلسطين يرجع إلي اعتمادنا علي القوميين
والكهنة والملالى والسياسيين كي يجلبوا لنا السلام.
.. هذا هو سبب فشل كل المحاولات. يجب أن نبدأ في البحث عن أعضاء آخرين
في المجتمع الإنساني للقيام بهذه المحاولات. أما بالنسبة للاتهامات الموجهة إلي
أيريل شارون –في بروكسل - فلا أستطيع التعليق في الوقت الحاضر، لأنني ليس لدى
تفاصيل كافية حول هذه الاتهامات والأشخاص الذين وجهوها، أو الأفعال التي تدعم مثل
هذه الاتهامات، فقط أستطيع أن أعبر عن دهشتي لأن رجلاً اشتهر في العالم بأنة ارتكب
مثل هذه الأعمال الوحشية ضد المدنيين، أصبح الآن قائداً لدولة ديمقراطية، لكنني
أذكر نفسي بان هنري كسينجر قد فاز بجائزة
نوبل للسلام. أما عرفات – فهو بالتأكيد يتحمل جزءاً من مسئولية وقوع الهجمات
الاستشهادية، وذلك إذا اعتبرناه قادراً على إيقافها متى أراد، لكنه كما هو واضح لا
يتمتع بالسلطة الكافية. وذلك بالإضافة إلي أن قدراته محدودة كقائد ليمد شعبه برؤية
مستقبلية تعينهم علي الحياة ويعيشون لأجل تحقيقها. بالتأكيد هو ليس رجلاً شريراً،
لكنة وجد نفسه في وضع لا يستطيع التعامل معه بشكل أخلاقي سوي أشخاص مثل غاندي –
نيلسون مانديلا- ومارتن لوثر كنج.
ــ ما السيناريو الذي تراه
محتملًا بالنسبة لعملية السلام في منطقة الشرق الأوسط؟
أعتقد أن السلام لن يتحقق إلا بالانسحاب الإسرائيلي إلي حدود ما قبل
العام 1967، والسيطرة على المستوطنات، وإعلان دولة فلسطين، واعتراف كل الدول
العربية بشرعية وجود دولة إسرائيل، وإعلان مدينة القدس مدينة مقدسة دولية تشرف
عليها الأمم المتحدة. ولكي يتحقق مثل هذا السيناريو بنجاح، يجب أن تصبح كل هذه
الشروط بمثابة أهداف مشتركة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وبل العالم أجمع ومن
هنا يجب أن نبدأ
ـــ أي نوع من الاكتشافات تشعر أن مثل هذه الرحلة ستثيرها بداخلك؟
لا أستطيع أن أقول قبل بداية رحلتي ما الذي يمكن أن تحمله لي هذه
الرحلة فأنا أبدأ هذه الرحلة وكلي أمل أن أحقق الأفكار والمعتقدات التي أشرت إليها
سابقاً في الحوار، لكنني كذلك أبدأها وكلي أمل أن تصبح أفكاري ومعتقداتي مؤسسة
أكثر علي الواقع وليس على الضرورة كما هو الحال الآن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق